التصنيفات
كتابات ذاتية

مش كل مرة تسلم الجرة

بعد أن أنهيت الماجستير قرر جهازي المحمول أنني لست بحاجة له ورفض أن يتجاوب معي ودخل في حالة غيبوبة. كان اللابتوب يحوي إضافة للبحوث والواجبات والمواد الدراسية كتاباتي جميعها. التي كتبتها عليه والتي نقلتها وقمت بطباعتها نقلا عن الأوراق والدفاتر. كلها ضاعت قلت لنفسي. عزائي كان أنني أملك مدونة وكنت أضع فيها أغلب ما كتبت. ثم فكرت في أنني قد أتمكن من إنقاذ ملفاتي إن أخذت الجهاز لمختص في مشاكل أجهزة الكمبيوتر وحدث لكن المختص لم ينقذ سوى نصف الملفات. وكان من عادة الناس حين يعرفون إنك أنهيت من التخصص نفسه قبلهم بعام أو حتى عشرة أن يطلبوا منك ملفات الواجبات والتقارير. وكنت حين أرد بأني فقدتها يعتقدون بأني لا أرغب بمشاركتها معهم. ولا يمكن لأحد أن يلومني إن كنت قلت ما قلت لهذا السبب، فالمفترض أن يقوموا بحل واجباتهم وكتابة تقاريرهم وأبحاثهم بنفسهم. المهم كانت الملفات التي أنقذت ملفات متفرقة من كل مادة وكل سنة من سنوات كتابتي منذ بدأت الكتابة.

ومرت السنوات ونسيت حزني على ما فقدت. والتحقت ببرنامج الدكتوراه وحرصت على اقتناء جهاز جديد أخصصه للجامعة. كنت أقوم بالاحتفاظ بنسخة احتياطية من كل ما فيه مرتين في السنة كما نصحني مشرفي الذي كانت نصيحته في الحقيقة أن أقوم بنسخ الملفات كل شهر. وبقي معي ذلك الجهاز حتى يوم مناقشة الرسالة وتخرجت والحمدلله بدون مشاكل أو خسائر وخيانات من الجهاز المحمول. ثم وبعد التخرج بأشهر قليلة وبكل ما فيه من إصدارات ومسودات وملفات -بعضها ليس في النسخة الاحتياطية- توقف الجهاز عن العمل وعاد إلي شعور الخوف من فقد كل ما أملك من إنجاز وإبداعات. وبقيت بين تردد وخوف من أن يخبرني المختص بأنه لم ينقذ جميع الملفات. وتركت الجهاز بعد أن اقتنيت غيره وكنت أنسى أمره لحين يصيبني الحنين للعودة لنص قديم وبذرة رواية كتبتها وتركتها. وبالأمس أخذته للمختص على أمل أن تكون مخاوفي مجرد أوهام، فنحن في 2021 ولابد أن المختصين أصبحوا أكثر خبرة وطرق استرجاع الملفات باتت أسرع وأكثر فعالية. وهذا ما حدث فعلا. وبشرني المختص بأن الملفات جميعا قد تم إنقاذها ولله الحمد. إضافة إلى أن الجهاز المحمول سيكون قابلا للاستخدام بعد معالجته و”فرمتته” بالكامل. ورغم أنها المرة الرابعة على الأقل التي أفقد فيها ملفاتي من جهازي المحمول أو حتى هاتفي إلا أنني لازلت أنسى أو أتكاسل عن الاحتفاظ بنسخ احتياطية لملفاتي. وأعلم جيدا أنه ليس في كل مرة تسلم الجرة. لكنها عادة سيئة أعد نفسي على أنني سأحاول التخلص منها.