التصنيفات
Uncategorized

الرواية: دليل على وجود الانسانية

يقول كونديرا: ” إن البحث عن الأنا الذي زرعه ديكارت في عقول الناس سينتهي دائماً إلى الشعور بالعجز، بينما إضاءة حدود الأنا عبر الرواية يعتبر اكتشافاً كبيراً واستثمارا إدراكيا هائلا”.


الرواية بشخصياتها الخيالية والواقعية أحيانا، المصنوعة من مزيج نفسي جسدي بعذاباتها وآلامها وسقطاتها وهفواتها وعجزها في كثير من الأحيان والظروف عن التفكير الذي جعله ديكارت شرطا للوجود، هي عتبة البشرية نحو الإدراك والوعي لعوالم كانت غافلة عنها.

لطالما اعتقدت بأن الأدب عموما والرواية خصوصا، لهما القدرة على هدم جدران المثالية الهشة. في النهاية لا وجود للكمال، والسعي خلفه مثل السعي نحو السراب. نحن بتعرفنا على الإنسان العاري من المثاليات وفي الاقتراب الذي تمنحنا إياه الرواية بمختلف أشكالها،نكون أقرب لمعاني الإنسانية وأكثر تجردا من الأحكام المسبقة والتي أساسها خلفيات واعتقادات قديمة واستنباطات جمعية فرضت علينا جيلا بعد جيل حتى تقمصناها.


هذا الوجود الذي قرنه ديكارت بالتفكير، قرنه آخرون بالإيمان، والشعور، والمشي، وحتى النوم. لكن الوجود بمعناه المعروف لا يمكن أن يقترن سوى بنفسه. أنا موجود إذا أنا موجود. في هذه اللحظة، في هذا الكون، أتنفس وأتحرك وأتكلم، وأصمت، بعقل يفكر حتى لو كان هذه التفكير معطلا. لا شيء ينفي وجودنا غير الموت. والرواية كما أحب أن أعتقد، هي الدليل على وجود الإنسان القادر على الإبداع، وإثبات إنسانيته عن طريق التقارب مع شخصيات غير حقيقية، بناها إنسان آخر يؤمن بوجوده من أجل الوجود نفسه.

بواسطة لطيفة الحاج

كاتبة من الإمارات

أضف تعليق